في
الماضي كان أهل هذه البلاد يؤرخون بالاحداث الجسام التي تقع في الحقب الزمانية
التي تمر بهم. على سبيل المثال حين وقعت سيول جارفة في نجد اطلقوا على زمن وقوعها
سنة الهدام، وحين غرقت السفن والمراكب نتيجة الأعاصير المدمرة على ساحل الخليج
العربي اسموها سنة الطبعة وحين فاضت خزينة الدولة بالأموال وفُتحت أقفال صناديق
التنمية لكل مقترض ومستثمر ومغامر اطلقوا على تلك الحقبة الذهبية مُسمى زمن
الطفرة وهكذا.
الشاهد
في الحكاية أن الناس في زمن تلك الطفرة وكأنهم قد افاقوا من حالة سبات طويل الى
حالة مباشرة الركض دون المرور بمرحلة المشي مما أصابهم بفقدان التوازن الأمر الذي
أدى الى ولادة ظواهر خديجة خطيرة لم يحسبوا لها حسابا (ومعهم الأجهزة الرسمية
بالطبع)، من تلك الظواهر "حوادث الطرق" وهي التي تعنيني في حديثي
هذا اذ أضحت (وما زالت) حوادث السيارات القاتلة بسبب جهل الناس ورعونتهم في صدارة
مسببات الموت (قبل امراض القلب والسرطان) مما جعل الذهاب الى سرادقات العزاء أمرا
معتادا اذ قلما يوجد بيت في طول البلاد وعرضها لم يزره شبح الموت.
أُصدقكم
القول بأننا ونحن نجتهد آنذاك في تنفيذ برامج التوعية المرورية ومنها برنامج (العيون
الساهرة) التلفزيوني والاذاعي وتنظيم اسابيع المرور وغيرها لم نك نتوقع حتى في
أسوأ الأحوال أن تتفاقم هذه الظاهرة الخديجة لدرجة أن يصل عدد القتلى اليوم بسبب
حوادث الطرق الى أكثر من 9 آلاف قتيل (((سنويا))) وحوالي 30 ألف مصاب منهم نسبة
10% إصاباتهم مُقعدة!
الآن
ونحن أمام هذه الأرقام المفزعة أسأل: هل يعتقد ربعنا في جهاز المرور أن المدعو
(ساهر) قادر لوحده التصدي لـــــ(حرب الشوارع) الضروس وهل أسباب حوادث السيارات
المميتة تنحصر فقط في تجاهل الاشارة الحمراء و تجاوز السرعات المحددة على الطريق؟
هل يعرفون شئ اسمه "انماط سلوك قيادة السيارات" ومنها الخطير والهجومي
والأرعن والمستهتر وذاك الذي يتسبب في توريط الناس بالوقوع في الحوادث ويخرج منها
كما تخرج الشعرة من العجين؟ هل مثل هؤلاء يضبطهم (ساهركم) ومن ثم يوقفهم عند حدّهم
ويكفي الناس شرّهم؟
السؤال
الأخير: أين أنتم؟
ابوسحر
aalkeaid@hotmail.com
No comments:
Post a Comment