Sunday, November 3, 2019

الورّاق وسلك الشاحن



حدّث عُبيدالله الورّاق تلامذته عن رجلٍ تم تنصيبه على شأن من شؤون الناس وهو حديث سنّ وتجربة فذهب الى حكيمٍ يسأله النصيحة فقال له الحكيم: هلاّ حدّثتني عمّا ستبدأ به عملك، أعني أولوياتك يا رعاك الله

قال الرجل وقد لبس نسخة مزيّفة من ثوب (المتنبي) الذي قد اشتراه من خان (البطحاء) الشهير:

سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ (جاء محفلنا)*

بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ

قال الحكيم:  أسألك عن خطّتك أعني (أجندتك) كقول الناس في زمانكم، إذ ما شأن الناس بمقامك ومحفلك ومزاجك؟

قال الرجل:

أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي
وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ

فضرب الحكيم أخماس بأسداس قائلاً:

يا بُنيّ هل لديك ما هو أهمّ من حديثك عن ذاتك المتورمة؟

قال الرجل :وهل هناك ما هو أهم من أن:

أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا
وَيَسْهَـرُ القوم جَرّاهَـا وَيخْتَصِـمُ

أطرق الحكيم طويلاً ثم رفع رأسه قائلا بصوتِ مملوء بالأسى:

اذا لا يوجد في (رأسك) شيء اسمه (أولويات) تبدأ فيها بالأهم أولاً ثم المهم من شؤون الناس وإلا فأمسك الدرب.

خرج الرجل وهو يهزأ بحديث الحكيم عن الأولويات وفعل ما في (رأسه) فــــــــ.....

لم يُكمل عبيدالله الورّاق الحكاية لانتهاء شحن جوّاله الذي كان يقرأ منه فتأفف تلامذته وكل منهم يمدّ له سلك الشاحن لعلّه يُكمل. 

ابوسحر


*مع الاعتذار على تحريف بعض المفردات لزوم السياق

No comments:

Post a Comment

اتصل بنا

Name

Email *

Message *