Friday, January 10, 2020

كلمة ولو جبر خاطر


الياباني نوبوأكي نوتوهارا مؤلف كتاب (العرب من وجهة نظر يابانية) عايشنا عن قرب مدة ليست بالقصيرة، قد أصيب بالصدمة حين عرف أن العلاقات بين الأفراد في بلداننا تقوم على المصالح الخاصة وأسوأ وسيلة في هذا السبيل هي الرشوة حيث تغيب الثقة فتحل محلها المنفعة المتبادلة لهذا شاعت تعابير من نوع (عشان خاطرك) ومن هنا تقع أشياء غير قانونية فيتبادل الذين يخالفون القوانين الحماية والمكاسب!!

 إذاً صاحبنا الياباني نوتوهارا قد فاجأه تعبير (عشان خاطرك) بين العامّة فكيف لو عرف بأن معظم القرارات المصيرية لدى العرب (بصفة عامة) لابد وأن تمر عبر هذا (الخاطر) ومن ثم تخرج للملأ وهي مكبّلة به وبقوة علاقته بخاطر صاحب القرار.

 أعني أن الخواطر هي المحرك الحقيقي للأحداث وهي في نفس الوقت محل الاعتبار فلا اعتبار أقوى من الخاطر ألسنا نقول (خُذ بخاطره) أي ليكن القرار آخذاً بعين الاعتبار خاطر صاحب الأمر بصرف النظر عن خاطر القانون والنظام والحقوق الخاصة والعامة!

المؤمنون بحكاية الأخذ بالخاطر يعتقدون بأن القوانين والأنظمة لم تسن إلاّ من أجل تطبيقها على من لا خاطر له فهذا (ذنبه على جنبه) لماذا لم يكن له أحد يأخذ بخاطره ليرفعه إلى منازل أصحاب المنافع المتبادلة؟.. ولا يؤخذ الخاطر فقط أثناء تبادل المصالح وتمرير المنافع بل وحتى في تبادل العواطف والتعبير عن حارق الاشتياق ألم يقل الشاعر في الأغنية الشهيرة (كلمة ولو جبر خاطر وإلا سلام من بعيد) فهل هذه أيضاً ستكدّر خاطر صاحبنا الياباني الذي يبدو أنه رغم معايشته حتى للبادية من العرب لم يعرف مدى قوة تأثير الأخذ بخاطر (العين) لدرجة أنها تشفع لمدينة بسكّانها فــ(من أجل عين تكرم مدينة) وما أكثر ما أوجعتنا هذه العين لدرجة أن أصبحنا نخاف فيما لو أُخِذتْ العين الثانية في الاعتبار!

 المؤكد أن لا أحد يعرف إن كانت هذه العين التي ألغت كل المفاضلات وكل المقاييس والخطط التنموية ستُقدّر هذا التكريم وتحفظ المعروف وترد الجميل بأن تكون على الأقل (عين) مواطن بارّ وليس كما يقال (عين عاقّة) شبيهة بالصحراء التي تشرب مطر السماء وتبتلعه في جوفها.

No comments:

Post a Comment

اتصل بنا

Name

Email *

Message *