أنظمة الأمس، أكثر حفظا لحقوق الإنسان من قوانين اليوم
حينما
شرعتُ بجمع معلومات كتابي الأوّل عن تاريخ المرور عام 1985م، وجدتُ نفسي أدلف في حقبة
مدهشة، قد لا يعرفها الكثير من أبناء جيلي ولا من أتى بعدنا، حيث لم تُسلّط
الأضواء في أيّ وقت على بعض الجوانب التي رأيتها في منتهى الأهميّة، اذ توحي بشكل
وطريقة تفكير أجدادنا، أولئك الرجال الذين بنوا الوطن وكيفيّة معالجتهم للأمور
التي استجدّت عليهم، كما أنها تبين رؤية إنسانية قلّما يفكّر فيها اليوم المشرعون
ورجال القانون، سيّما وأدعياء حقوق الإنسان أصواتهم الأكثر إرتفاعا.
* حقوق الإنسان كانت حاضرة في الأذهان
نعم كانت القوانين في الماضي تُعنى بالنواحي
الإنسانية، وحقوق الإنسان، وتأخذ بالاعتبار التسهيل عليه، وحفظ كرامته حيّاً كان
أو ميتاً وللأسف قد تكون هذه الرؤية اليوم ليست كما كانت عليه بالأمس.
تقول الحِكمة أن الأمس ليس الاّ حُلماً، والغد
ما هو الاّ رؤيا، ولكن اليوم المُعاش جيّداً يجعل كل أمس حُلم سعادة ، وكل غد رؤيا
أمل.
من هُنا كم تمنيت من المشرعين وخبراء القانون في جميع البلدان أن يسترشدون بأنظمة
الماضي وقت تكليفهم بوضع قوانين اليوم، أو تعديل مواد في الأنظمة والقوانين
المعمول بها حاليا.
سأورد
هنا بعض مواد قوانين وأنظمة محليّة( في بلادي) صدرت في الماضي، تُبيّن مدى التفكير
في حقوق الانسان وقت وضع تلك القوانين:-
من مهام
وواجبات البلديّة على سبيل المثال:
- إنشاء محلات لتشغيل المتعطلين من العمل وتأمين ايواء العميان والبكم والمقعدين واليتامى ومن اليهم والنظر في إصلاح معيشتهم .
- مراقبة أسعار الحاجات ومنع احتكارها وكذا مراقبة الموازين والمكاييل والمقاييس ووضع شارة الدمغة عليها سنوياً.
من حقوق
أعضاء المجلس البلدي المُنتخب وواجباتهم:
مادة(25)
لا يجوز للعضو أن يقوم بالذات أو بالواسطة بعمل أو مقاولة أو مناقصة أو توريد
لحساب المجلس ولا أن يدخل طرفاً معه في بيع أو إيجار ،وتسقط عضوية من يخالف أحكام
هذه المادة بقرار من وزير الداخليّة بعد أخذ رأي المجلس. (نظام البلديات والمجلس
البلدي الصادر عام 1382هـ )
من
واجبات سائقي السيارات:
- احتراماً للموتى يجب على سائق السيارة أن يقف في مكانه حتى تمرّ الجنازة ومن يخالف ذلك يُعاقب بغرامة قدرها خمسة عشر غرشاً وعلى رجال الشرطة ومأموري الحكومة دقة تنفيذ هذه المادة.
- يجب على سائق السيارة الابتعاد عن طريق الجِمال وإنذار أصحابها قبل الاقتراب منها وتقليل سرعة سير العربة عند المرور بجانبها.(قانون السيارات الصادر بناء على الأمر الملكي عام 1345هـ).
حسناً:
ابتداء من تكليف البلديات بإنشاء أماكن لاحتواء
العاطلين والعاجزين الى تحديد أسعار المواد الضرورية ومنع احتكارها، مروراً بمنع
استغلال الوظيفة لتحقيق المآرب الشخصيّة، ثم احترام الانسان الميت باحترام مرور
جنازته، واعطاء الأفضليّة للإنسان راكب الدابة (البعير) لأنه العنصر الضعيف في
المعادلة، الا يدل كل هذا على انسانيّة قوانين الأمس فأين منها قوانين اليوم
بمادّيتها وكيف تبدّل بنا الحال لنكون أكثر قسوة وصلفاً في حق الإنسان ذاته؟
اجدت يادكتور عبدالله حفظك الله ورعاك
ReplyDeleteشكرا جزيلا وممنون على زيارتك للموقع وتعليقك، دمت بخير وسلام
ReplyDelete